كانت حول مدينة حضرموت (سوسة القديمة) حصون حربية أسسها الفينيقيون  في القرن الثامن قبل الميلاد وأطلقوا عليها اسم (ايتيكودا) من بينها قلعة أكودة التي شهدت ازدهارا في العهدين الفينيقي ثم القرطاجي حيث أصبحت  تسمى "قيرزا" واشتهر أهلها بغراسة الزيتون ، تم اتسعت البلدة واتنشر فيها العمران. وتشهد الآثار القائمة إلى الآن سواء الصهاريج والفسيفساء في جهة الديماس بشط الرمان أو فسيفساء إله المحيط بشط مريم أن هذه المنطقة ذات تاريخ عريق . ولما حل "الوندال" بالبلاد التونسية سنة 439 م قاموا بتخريب أكودة في حروبهم مع البربر ، وأعاد البيزنطيون البناء وجددوه عند فتوحاتهم وانتصاراتهم على الوندال سنة 523 م وتواصل ذلك مع قدوم العرب الفاتحين خاصة في عهد الاغالبة و الفاطميين  و الصنهاجيين .

و في منتصف القرن الحادي عشر الميلادي 1051 م لما أعلن الأمير المعز بن باديس استقلاله عن الدولة الفاطمية في القاهرة ، أمر الخليفة في مصر قبائل بني هلال من الصعيد بالزحف على افريقية فجاؤوا رجالا و نساء وأطفالا وأتوا على الازدهار الذي عرفته أكودة والمناطق المجاورة لها و خربت القلاع والدور وأتلفت المزارع والأشجار .

ثم ظهرت مدينة أكودة في تاريخها الحديث عند قدوم علماء صوفيين من الساقية الحمراء بالمغرب الأقصى إلى جهة الساحل التونسي وكان من بين هؤلاء القادمين في نهاية القرن 16 م الولي الصالح سيدي عبد الحكيم المزوغي الذي تكونت على يديه النواة الأولى للمدينة التي ستصبح اسمها أكودة ، حيث ابتدأ بها العمران العربي الإسلامي بحفر البئر وبناء المسجد (الجامع الكبير )في أعلى مرتفع بها.

وفي فترة الكفاح الوطني من أجل الاستقلال ساهمت أكودة برجالاتها ومساعداتها في معركة التحرير التي واكبتها نهضة فكرية أسهم فيها أعلام أكوديون منهم:

 الشيخ سالم بن حميدة: نصير المرأة المشهور بفيلسوف الساحل .

 الشيخ راجح ابراهيم : المحامي الأديب الملقب بمنارة الساحل .

 الشيخ إبراهيم بن حميدة الاكودي : أبرز رواد الحركة المسرحية بالبلاد التونسية وعلي يديه تأسست الحركة المسرحية بأكودة.

 علي الورداني : الذي كان من أوائل المنتسبين إلى المدرسة الصادقية سنة تأسيسها وأحد المقربين إلى الوزير المصلح خير الدين باشا وهو مؤلف الرحلة الأندلسية على اثر بعثته إلى اسبانيا لتحقيق أمهات الكتب.

وقد اشتهر أهل أكودة بحبهم للعلم والمعرفة و حرصهم على تعليم أبنائهم ويقدمونه على كل مصلحة أو غاية ويقتطعون له الجزء الهام من الموارد المتوفرة لديهم ، وهو ما جعل المدينة تشتهر بأنها مدينة العلم و الثقافة.

و قد أنجبت أعلاما مرموقين في شتى الميادين نذكر من بينهم:

 الأستاذ عبد السلام الكناني: ولد في 17/10/1911 وتوفي في 03/12/2007 : شغل عديد المناصب نذكر منها:أستاذ في الرياضيات بالمدرسة الصادقية سنة 1938 ، مدير المدرسة الصادقية بخزندار ثم وكيل كاتب الدولة للتصميم سنة 1957 ثم ثاني وزير للفلاحة في عهد الاستقلال: 1958/1962 ومديرا لمدرسة القومية للإدارة(دورتين) ومديرا عاما للشركة التونسية للكهرباء والغاز ،فرئيسا أولا للمحكمة الإدارية: 1973/1978 ثم رئيسا لبلدية أكودة (دورتين) 1960/1963ء1963/1966.

 الدكتور أحمد صمعية: من أشهر الأطباء في العاصمة الفرنسية وأستاذا في أمراض الصدرية ورئيس مصلحة بمستشفى بفرنسا أطّر العديد من الدكاترة التونسيين، شارك أيام المعركة التحريرية بمساعدة كافة السجناء و منهم المنصف باي.

ء الدكتور حافظ ابراهيم: مناضل ساهم في الحركة التحريرية على المستوى المغاربي.

 الدكتور العالم فخر الدين بن حميدة : كان عضوا بأكاديمية العلوم بفرنسا، أطّر وتبنى كل الطلبة الباحثين التونسيين بالجامعات الفرنسية، مديرا بالمركز القومي للبحوث العلمية بفرنسا و أستاذ في الفيزيا والبيولوجيا بجامعة (السربون)...

ء الدكتور فرج بن محمد قرطاس: كان علامة في علوم البحار.

 الإعلامي محمد علي بن سالم: من المؤسسين الأوائل للشعبة الدستورية بأكودة، باشر تنفيذ تعليمات الديوان السياسي بالساحل من رجال تونس البارزين في الحقل السياسي والإعلامي والجمعياتي وهو من مؤسسي وكالة تونس إفريقيا للأنباء كما كان له نشاط متميز في الحركة المسرحية باكودة.

 رجل المسرح محمد الأكحل: عرف على المستوى الوطني واشتهر خاصة بشخصية "الحاج كلوف".

 نوح العذاري: أستاذ جامعي في العلوم الإدارية والاجتماعية له عدة مؤلفات في قانون الشغل.

والقائمة تطول من العلماء والأدباء والمثقفين والمسرحيين الذين لهم من الإشعاع ما يتجاوز حدود المدينة.